وهذا ما توصل إليه الشيخ الدكتور يوسف بن عبدالله الأحمد في تجربة قام بها[15]. ومما يؤكد هذا أمور:
الأول: أن تحديد وقت طلوع الفجر في معظم التقاويم ومنها تقويم ام القرى ليس مبنياً على رؤية عملية لطلوع الفجر وإنما بنيت على ما هو معروف عند الفلكين بالشفق الفلكي وبعضها يتقدم قليلاً[16] وقد سبق أنه أمر اجتهادي ولا يعدو أن يكون فرعاً عن أصل. والأصل هو العلامة الشرعية وهي طلوع الفجر الصادق الذي يدرك بالرؤية البصرية ولذا يجب التعويل عليها عند الاختلاف وتعديل التقويم بما يتوافق معها.
الثاني: أن طلوع الفجر الذي تحرم بتبينه المفطرات وتحل الصلاة علامة ظاهرة لا تخفى, يشترك في رؤيته حديد البصر وغيره .
قالت عائشة رضي الله عنها: "أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"[17] قال الحافظ ابن حجر" والمراد بفلق الصبح ضياؤه, وخص بالتشبيه لظهوره الواضح الذي لا شك فيه"اهـ [18],إنه الصبح كما كان الناس يقولون لابن ام مكتوم رضي الله عنه حين ينظرون إلى بزوغ الفجر "أصبحت أصبحت" أخرجه البخاري 617 ومسلم 1092، فالفجر هو ضوء الصبح وإنما سمي فجراً لانفجار الضوء منه قال صلى الله عليه وسلم "لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر" أخرجه مسلم 1094/44 من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
وقالت حفصة رضي الله عنها "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح ركع ركعتين قبل أن تقام الصلاة" أخرجه البخاري 618 ومسلم 723 .
وفي رواية لمسلم 723/89 "كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين"
وقالت عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر" من الاستبانة وهي الظهور, وللكشميهني "يستنير" بنون وآخره راء من الاستنارة. أخرجه البخاري 626 ومسلم 724.
وقال ابو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا قال: فاقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا قال: ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول قد طلعت الشمس أو كادت وفي آخر الحديث قال صلى الله عليه وسلم " الوقت بين هذين" أخرجه مسلم 614 وفي الحديث: دلالة ظاهرة على أن بداية وقت صلاة الفجر بعد وضوح نور الصبح إلا أنه لا تتبين به وجوه الناس حتى يعرف بعضهم بعضا.
وفي حديث جابر رضي الله عنه الذي فيه صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره قال"ثم جاء الفجر فقال قم فصله فصلى حين برق الفجر أو قال "حين سطع الفجر" وصلى المرة الثانية الصبح حين اسفر وقال في آخر الحديث "ما بين هذين وقت" أخرجه أحمد 14538 والترمذي 150 وصححه ونقل عن البخاري قوله: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم" أهـ
وفي حديث جابر رضي الله عنه في حجة الوداع "ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح" الحديث أخرجه مسلم 1218 مع أنه في ذلك اليوم أسرع ما يكون مبادرة لصلاة الفجر لكي يشتغل بالذكر عند المشعر الحرام إلى الإسفار جدا.
وقال تعالى "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر"
فعلق تحريم المفطرات بتبين الخيط الأبيض الذي هو بياض النهار من الخيط الأسود الذي هو سواد الليل وهو الفجر الصادق الذي يحرم المفطرات على الصائم وهو الذي به يدخل وقت صلاة الفجر هكذا فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " إنما هو سواد الليل وبياض النهار " أخرجه البخاري 1916 ومسلم 1090 من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه, وقال قتادة في تفسير الآية: فهما علمان وحدان بينان فلا يمنعكم أذان مؤذن مراء أو قليل العقل من سحوركم فإنهم يؤذنون بهجيع من الليل طويل وقد يرى بياض ما على السحر يقال له الصبح الكاذب كانت تسميه العرب فلا يمنعكم ذلك من سحوركم فإن الصبح لا خفاء به طريقة معترضة في الأفق وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الصبح فإذا رأيتم ذلك أمسكوا.[19]
من خلال ما سبق ندرك ما دل عليه القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في بداية وقت صلاة الفجر أنه علامة ظاهر لا تخفى قال الحافظ ابن عبدالبر "الفجر هو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الافق المستنير المنتشر" اهـ[20] .
وبه يتبين خطأ من زعم أن الفجر الصادق نور خفي مثل سلك الخياطة أسفل الأفق مما يلي الأرض مهما كانت صغره وقصره ولا يكاد يراه إلا أحاد من الناس ممن تميز بحدة البصر كالذي يرى الهلال دون غيره[21] فإن هذا القول إضافة لكونه قولاً محدثا لم يقل به أحد من السابقين فيما أعلم = فهو قول لم يبنى على تجربة عملية ورصد ميداني لطلوع الفجر وانما حمل صاحبه على القول به الانتصار لصحة ما جاء في التقويم من توقيت طلوع الفجر.
والامام ابن جرير الطبري لما حكى الأقوال في تفسير معنى قوله تعالى "حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط الأسود من الفجر" ذكر ثلاثة أقوال:
القول الأول: ان المراد بالخيط الأبيض ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده.
القول الثاني: الخيط الأبيض بياض النهار وسواد الليل وصفة ذلك البياض أن يكون منتشراً في السماء يملاء بياضه وضوءه الطرق فأما الضوء الساطع في السماء فإن ذلك غير الذي عناه الله تعا
لى.
القول الثالث: الخيط الأبيض ضوء الشمس والخيط الأسود سواد الليل.
وذكر من قال بكل قول وحجته ورجح الأول ورد القول الثالث وليس من هذه الأقوال أن الفجر الصادق نور خفي كسلك الخياطة مهما كان صغره وقصره لا يراه إلا النوادر من الناس!
ثم إن الله تبارك وتعالى علق الأمر بتبينه لنا لا مجرد ظهور ضوء لا يراه أحد إلا النوادر من الناس قال القرطبي عن الفجر" وهو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الأفق المنتشر, تسميه العرب الخيط الأبيض"[22] وقال مفسرا الآية " حتى غاية للتبيين ولا يصح أن يقع التبيين لأحد ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر. واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك فقال الجمهور: ذلك الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسره وبهذا جاءت الأخبار, ومضت عليه الأمصار"اهـ
ثالثاً: أن طلوع الفجر الصادق الذي هو بداية وقت صلاة الفجر وبه تحرم المفطرات احتف به أمران يغران مما أوجب التنبيه عليهما ,الأول: أنه يباح الأذان قبل دخول وقت الفجر بخلاف غيرها من الصلوات. الثاني: أنه علامة دخول وقت صلاة الفجر الذي هو الفجر الصادق يسبقه فجر كاذب ولذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاغترار بهذين الأمرين قالت عائشة رضي الله عنها إن بلالا كان يؤذن بليل فقال صلى الله عليه وسلم "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" أخرجه البخاري 1918 و 1919 ومسلم 1092 وقال صلى الله عليه وسلم "لا يمنعن أحدكم اذان بلال من سحوره فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم وليس أن يقول الفجر والصبح" وقال باصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل "حتى يقول هكذا" قال زهير بن معاوية شيخ شيخ البخاري: "بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله. أخرجه البخاري 621 ومسلم 1093 وفي رواية لمسلم 1093/40 "هو المعترض وليس المستطيل" وفي صحيح مسلم 1094/42 عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لايغرنكم من سحوركم آذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا" وفي رواية 1094/43 "ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر" أو "ينفجر الفجر".
وعن طلق بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر" أخرجه ابو داود 2033 والترمذي 705 وابن خزيمة 193 وقال الترمذي حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض وبه يقول عامة أهل العلم. اهـ
يهيدنكم: لا تنزعجوا و لا تنزجروا بالفجر الكاذب.
وهذا التشابه والتقارب بين وقت طلوع الفجرين والذي نبه النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاغترار به هو الذي أوقع البعض من الناس في الخطأ في توقيت دخول الفجر. والذي كان ينبغي أن ينظر في الفروق بين الفجر الكاذب والصادق من خلال النصوص النبوية الذي لا ينطق صاحبها عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى و كلام أهل العلم ومن خلال التطبيق العملي ومن ثم يحدد وقت طلوع الفجر الصادق وهذا ماتوصلت إليه اللجنة آنفة الذكر ووجدت بنفسي ووجده غيري ممن طبق ذلك عمليا كما سبق.
كما أن أذان المؤذنين على التقويم يغر من يسمعه بأن الفجر الصادق قد طلع وفي الواقع أن الذي طلع هو الفجر الكاذب والواجب هو الانتظار حتى يمضي ربع ساعة بعد الأذان على الأقل ويتحقق طلوع الفجر الصادق.
رابعاً: أن توقيت صلاة الفجر في التقويم إلى نهاية عام 1429هـ كان على زاوية أن الشمس تحت الأفق عند الفجر 19 درجة ثم عدل مع بداية عام 1430هـ على 18,5 درجة بزيادة ثلاث دقائق. وهذا خطوة في الطريق الصحيح لكنها غير كافية. ولا يزال التقويم يحتاج إلى تعديل بزيادة خمس عشرة دقيقة على الأقل حتى يتوافق مع طلوع الفجر الصادق.
وشاهد الكلام من ذلك: هو أن هذا التعديل يدل على خطاء سابق في التقويم , مما يبين أن وضعه كان باجتهاد لم يبنى على رصد لتبين الفجر ولذا لم يوفق صاحبه للصواب, علما أنه أول ما وضع كان على درجة 18 وقد اطلعت على تقويم عام 1397 وهو متأخر عن التقويم الحالي بخمس دقائق ثم قدم بعد عشر سنوات على درجة 19 أي بنحو ثمان دقائق احتياطا للصوم ولم يزل كذالك إلى نهاية عام 1429 حيث قدم ثلاث دقائق. ولا يزال يحتاج لتعديل.
فما أدري بعد هذا التقديم والتأخير في التقويم, كيف يسوغ لنا أن نقول إنه مطابق لطلوع الفجر 100% ؟!
وهل يسوغ أن نعول عليه وهو عمل بشري لم يبنى على رؤية معتبرة وندع ما رأيناه بأعيننا؟!
إنني إناشد مشايخنا وولاتنا أن يعيدوا النظر في توقيت التقويم لأذان الفجر بأن يقدم خمس عشرة دقيقة على حسب ما توصل إليه تطبيق اللجنة أنفة الذكر. أو تشكل لجنة يكون من أعضائها من خرج أيام الشيخ ابن باز رحمه الله مع من خرج من أعضاء اللجنة الأخيرة, ويرصدوا تبين الفجر حتى تتضح الحقيقة.
والمسلم عندما يسمع بهذا الاختلاف فإنه يعول على اليقين وهذا ما أوضحه في الأمر الخامس.
خامسا: أن ما سبق من مشاهدات لعدد من المهتمين بهذا الأمر – وينبغي أن يكون هم كل مسلم- وغير ذلك مما ذكر بعض العلماء عن خطأ التقاويم كما ذكر الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة[23] والشيخ مصطفى العدوي يورث لدى سامعه إن لم يقتنع به وأصر على صحة التقويم شكاً واشتباه في طلوع الفجر الصادق على أقل تقدير, وعند الاشتباه والشك في طلوع الفجر يتعين الاحتياط في الصلاة بتأخير إقامتها إلى حصول اليقين بطلوع الفجر والمقترح أن تكون إقامة الصلاة بعد خمس وعشرين دقيقة من توقيت التقويم على الأقل لأجل أن تصلى السنة الراتبة بعد دخول الوقت.قال الموفق ابن قدامة "إذا شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخلوه أو يغلب على ظنه ذلك والأولى تأخيرها قليلاً احتياطاً" أهـ[24]. وقال " إن صلى من غير دليل مع الشك لم تجزئه صلاته أصاب أو أخطأ لأنه صلى مع الشك في شرط الصلاة من غير دليل فلم تصح كمن اشتبهت عليه القبلة فصلى من غير اجتهاد "اهـ [25]
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله "وهذه العلامات – علامات أوقات الصلوات - أصبحت في وقتنا علامات خفيه لعدم الاعتناء بها عند كثير من الناس وأصبح الناس يعتمدون على التقاويم والساعات ولكن هذه التقاويم تختلف فأحياناً يكون بين الواحد والآخر إلى ست دقائق وهذه ليست هينة ولا سيما في أذان الفجر وأذان المغرب لأنهما يتعلق بهما الصيام مع أن كل الأوقات يجب فيها التحري فإذا اختلف تقويمان وكل منها صادر من عارف بعلامات الوقت فإننا نقدم المتأخر في كل الأوقات لأن الأصل عدم دخول الوقت مع أن كل من التقويمين صادر من أهل وقد نص الفقهاء على مثل هذا" أهـ[26]
وأبرز التقاويم التي يعتمد عليها المسلمون في مواقيت الصلاة في الوقت الراهن ما يلي:
1- تقويم المساحة العامة المصرية وهو يجعل وقت دخول الفجر إذا كانت زاوية الشمس تحت الأفق بـ 19,5 درجة.
2- تقويم أم القرى وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 19 درجة ثم عدل عام 1430هـ إلى 18,5 درجة.
3- تقويم رابطة العالم الإسلامي وزاوية الشمس تحت الأفق عند درجة 18 درجة.
4- تقويم الجمعية الإسلامية بأمريكا الشمالية المعروفة ب( الإسنا ) وزاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر 15 درجة.
وهنا تلاحظ التفاوت الكبير بين التقاويم (ما بين 19,5 درجة إلى 15 درجة) وهو قرابة خمس وعشرين دقيقة
والتقويم الأخير هو أقربها مطابقة لطلوع الفجر الصادق بالتطبيق العملي. وهو المتعين العمل به عند الشك احتياطاً للصلاة كما سبق تقريره.
أما الصيام فلا يتعين الاحتياط فيه مع الشك في طلوع الفجر الصادق بل لو أكل أو شرب مع الشك في طلوع الفجر فصومه صحيح عند جمهور أهل العلم خلافا للمالكية ـ إذا لم يتبين أن تناوله للمفطر كان بعد طلوع الفجر, وإذا تبين أن تناوله للمفطر كان قبل طلوع الفجر فصومه صحيح عند الجميع ـ وعلى ذلك تدل آثار السلف:
ـ دخل رجلان على أبي بكر رضي الله عنه وهو يتسحر فقال أحدهما قد طلع الفجر وقال الآخر لم يطلع بعد فقال أبو بكر "كل قد أختلفا" .
ـ وقال عمر رضي الله عنه إذا شك الرجلان في الفجر" فليأكل حتى يستيقنا"
ـ وقال مكحول "رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أخذ دلوا من زمزم فقال لرجلين أطلع الفجر فقال أحدهما لا وقال الآخر نعم فشرب.
ـ وجاء رجل لابن عباس رضي الله عنه فقال له متى أدع السحور فقال رجل جالس عنده: كل حتى إذا شككت فدعه فقال ابن عباس "كل ما شككت حتى لا تشك"
ـ وقال رجل للحسن أتسحر وأمتري – أي أشك - في الصبح فقال: كل ما امتريت إنه والله ليس بالصبح خفاء""[27].
ولو احتاط شخص للصيام فامسك على حسب التقويم فلا ضير عليه مع الشك في طلوع الفجر. لكننا صرنا نحتاط للصيام مع أن الأصل بقاء الليل ولا نحتاط للصلاة التي يشترط لها دخول الوقت ولا تجزيء مع الشك في دخول الوقت, والاحتياط للصلاة أولى بالعناية.
فعلى الأئمة والمؤذنين أن يتقوا الله تعالى وأن لا يخضعوا لرغبات الناس في العجلة في إقامة الصلاة بعد عشر دقائق أو ربع ساعة من توقيت الأذان حتى يؤدوا الصلاة بعد دخول وقتها.
وليعلم كل مسلم أنه لا يكون مؤديا للسنة الراتبة التي قبل الفجر وهي آكد السنن الرواتب إلا إذا أداها بعد ربع ساعة من توقيت أذان الفجر على حسب التقويم.
وفي الختام أدعو كل شخص ـ وخاصة الأئمة والمؤذنين ـ ممن لم يقتنع بما ذكرت أو عنده شك في ذلك أن يخرج إلى مكان بعيد عن الأنوار وخاصة في جهة المشرق وليكن قصده من ذلك معرفة الوقت الشرعي بعلامته الظاهرة, واقترح عليه أن يخرج من آخر الليل ولينظر بنفسه ويسجل ما يرى ويتعرف على الفجر الكاذب من الفجر الصادق. حتى يقطع الشك باليقين فهو أمر يومي لا يعز متابعته وجدير بالمؤمن أن يعتني بذلك لأنه يتعلق بالركن الثاني من أركان دينه, إلى أن ييسر الله تعالى تعديله بما يوافق طلوع الفجر وما ذالك على الله بعزيز.
أسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدينا ويسددنا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.